حديث ’إن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها، وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضا..’
جاء في صحيح اﻹمام مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
( إنه لم يكن نبي قبلي إﻻ كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها، وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضا، وتجيء الفتنة، فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه…فمن أحب أن يزحزح عن النار، ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم اﻵخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه، ومن بايع إماما، فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه، فاضربوا عنق اﻵخر.)
يستفاد من هذا الحديث الشريف فوائد عديدة، منها:
أن المؤمن القوي يعرف الفتنة عند وقوعها، وﻻ يلتبس عليه أمرها، أو يطيش عقله في التعامل معها…
وأن المؤمن القوي يخاف وقوع الفتنة، وﻻ يفرح بوقوعها، وﻻ يستقبلها مستبشرا بقدومها -كما يقع من بعض المسلمين اليوم- وإنما يرى فيها الهلاك والفساد…
وأن المؤمن يعتصم من شر الفتن بإيمانه بالله واليوم اﻵخر، وبتصديقه بما أخبر بوقوعه الله ورسوله والحذر منه…
وأن المؤمن الصادق ﻻ يستغل ظروف الفتنة والمحنة فيضر باﻵخرين -كما يفعل كثير من الناس أيام الفتن- وإنما يحب فيها للناس ما يحب لنفسه…
وأن المؤمن الصادق ثابت في مواقفه ووﻻئه، ﻻ يتغير وﻻؤه في الفتنة مع المتغيرات، فيتبع كل مدع وناعق…
أسأل الله عز وجل أن يصرف عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يجعلنا من عباده الناجين منها، الذين ﻻ خوف عليهم وﻻ هم يحزنون، إنه سميع مجيب، ربنا عليك توكلنا، وإليك أنبنا، وإليك المصير، ربنا ﻻ تجعلنا فتنة للذين كفروا، واغفر لنا ربنا، إنك أنت العزيز الحكيم… آمين…