شروط صحة القتال

حول الحراكات الشعبية

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: “إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص” الآية/4/ من سورة الصف.
تشير هذه الآية الكريمة إشارات صريحة إلى شروط صحة القتال، حتى يُعدّ قتالاً في سبيل الله، يستحق أهله النصر من الله.
الشرط الأول: يتعلق بالهدف من القتال، والغاية منه، وهو: (أن يكون في سبيل الله وإعلاء كلمته، خالصاً من الشوائب والأهداف الأخرى) ولا يتحقق كونه في سبيل الله إلا إذا تحققت فيه شرعية القرار، وسلامة هدفه وغايته.
ولا تتحقق فيه شرعية القرار، إلا إذا كان صادراً عن الإمام المسلم أو نائبه، أو أهل الحل والعقد في الأمة مجتمعين حال غياب الإمام أو نائبه، لأنه من الأحكام العامة المناطة بالإمام، خلافاً للأحكام الخاصة المناطة بالأفراد –كما نص على هذا كثير من الفقهاء-، ولا تتحقق فيه سلامة الهدف والغاية، إلا إذا كان المراد منه إعلاء كلمة الله فقط، فقد جاء في الحديث الشريف المتفق عليه، عن أبي موسى الأشعري –رضي الله عنه-: أن أعرابياً أتى النبي –صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل ليُذكر، والرجل يقاتل ليُرى مكانه، وفي رواية يقاتل شجاعة، ويقاتل حمِيّة، وفي رواية: يقاتل غضباً، فمن في سبيل الله؟ فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- :”من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله”.
أما الشرطان الثاني والثالث:
أ- أن يكون المقاتلون في سبيل الله صفاً واحداً غير متعدد، لأن التعددية مقبولة إلا في حالة القتال ومواجهة الأعداء.
ب- أن يكون الصف القتالي الواحد، صفاً مرتصاً متماسكاً غير مختلف.
فإذا لم تتحقق هذه الشروط، لم يكن القتال صحيحاً ولا مشروعاً، ولا محبوباً من قِبل الله عز وجل، وذلك بدليل منطوق الآية، ومفهومها المخالف:
إذ أن منطوقها صريح بالقتال الذي يحبه الله، وهو الذي توفرت فيه شروط كونه: في سبيل الله، وكون المقاتلين فيه صفاً واحداً مرتصاً.
ومفهومها المخالف صريح بأن الله عز وجل لا يحب الذين يقاتلون في غير سبيله، أو الذين يقاتلون في سبيله صفوفاً متعددة، أو صفاً غير مرتص.
ولطالما تنبه كثير من المقاتلين إلى شروط الكمال في القتال، وإلى شروط النصر فيه، مع غفلتهم عن شروط صحته وقبوله عند الله!!
ولطالما تشوهت صورة القتال في سبيل الله بسبب الغفلة عن ضرورة تحقيق هذه الشرورط!!
أسأل الله عز وجل أن يفقهنا في ديننا، وأن يبصرنا في دعوتنا، لنكون أهلاً لمحبته ونصره… وإلا فكيف ينصر الله من يُبغِض ولا يحب!!