لا عَجبَ إذا عُرِفَ السَبَب
روى الإمام أحمد وغيره بسنده عن عبد الله بن سلام قال: تذاكرنا أيكم يأتي رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، فيسأله: أي الأعمال أحب إلى الله، فلم يَقُم أحد منا، فأرسل رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إلينا رجلاً رجلاً، فجَمَعنا، فقرأ علينا هذه السورة، يعني سورة الصف كلها هكذا.
وسورة الصف –كما نعلم- تبدأ بقوله سبحانه: “سبَّح لله ما في السماوات وما في الأرض، وهو العزيز الحكيم، يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، كَبُر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون، إن الله يُحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص..”.
فبدأت السورة الكريمة بعد بيان أن كل من في الأرض والسماء يسبح له، وأنه هو العزيز الحكيم، بالإنكار على من يخالف قولُه فعلَه من المؤمنين، ثم ثَنَّت ببيان أعظم ما يحب الله من الأعمال، ألا وهو : (القتال في سبيله صفاً واحداً مرتصاً)، وما يبغضه من قتال.
فالآية الكريمة صريحة بمنطوقها ومفهومها الموافق والمخالف بأن الله عز وجل:
1- يحب من يقاتل في سبيله، ويُبغض ولا يحب من يقاتل في غير سبيله.
2- يحب من يقاتل في سبيله صفاً واحداً، ويُبغض ولا يحب من يقاتل في سبيله صفوفاً متعددة.
3- يحب من يقاتل في سبيله صفاً واحداً مرتصاً، ويُبغض ولا يحب من يقاتل في سبيله صفاً غير مرتص.
ومن الطبيعي جداً: أن ينصر الله من يحب، وأن يخذل من لا يحب.
فمن أحب من المقاتلين النصر وتتطلع إليه في قتاله، فليعمل على تحقيق هذه الشروط الثلاثة في عمله..
وإلا، فلا يعجب من تأخر النصرعنه، أو بعده عنه.
ولعل هذا يفسر كثيراً مما نراه ونشاهده في حياتنا، ويجيب عن تساؤلات كثير من الناس عن النصر وتأخره، فلا عجب إذا عرف السبب.
٢٢ أكتوبر ٢٠١٣ ·