مقولة ( من مزايا الثورة، كثرة عدد شهدائها )

حول الحراكات الشعبية

كتب إلي أحد الأحبة متسائلا:
(ماقولكم فيمن يفتخر بأن الثورة السورية القائمة قدمت حتى الآن أكثر من مئة وعشرون ألف شهيد…وأن هذا يعد من مزاياها..!!؟)، وفي الإجابة عن هذا التساؤل أقول:
إن مثل هذا القول لا يصدر إلى عن مفتون ذهب عقله..!! وقديما قال الشاعر:
(يقضى على المرء في أيام محنته***حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن). 
فلم نسمع في عصر النبوة، وﻻ في عصر الخلفاء الراشدين ومن بعدهم من قيادات الفتوحات اﻹسلامية من يفتخر بكثرة القتلى والشهداء في المعارك اﻹسلامية، وإنما كانوا يحتسبون قتلاهم عند الله، ويسألون الله أن يتقبلهم في الشهداء، راضين بقضاء الله وقدره… وذلك مع اﻻتفاق على أن قتالهم كان مشروعا وجهادا في سبيل الله، فكيف بمن يفخر بقتلى حروب الفتنة وازدياد أعدادهم..!!!! 
وﻻ أظن قائدا عسكريا عاقلا اليوم في الجيوش المعاصرة يفتخر بكثرة القتلى في معاركه، وإنما يفتخرون عادة بقلة خسائرهم من الرجال والعتاد… هذا ولم تكن الشهادة في القتال الشرعي مقصدا أصليا من مقاصد المجاهدين، وإنما كان مقصدهم اﻷساسي النصر على اﻷعداء، وإعلاء كلمة الله في اﻷرض، وإن تطلع بعضهم إلى نيل الشهادة في سبيل الله تبعا لذلك…
وقد روى عبد الرزاق في مصنفه عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: بعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بعثا، فخرجت فيهم، فقلت يا رسول الله: ادع الله أن يرزقني الشهادة، قال: اللهم سلمهم وغنمهم، قال: فسلمنا وغنمنا، ثم بعث جيشا فخرجت فيهم، فقلت يا رسول الله ادع الله أن يرزقني الشهادة، فقال: اللهم سلمهم وغنمهم، ثم الثالثة مثل ذلك..الخ..
وإذا قبلنا افتخار هذا المفتون – جدﻻ – فنقول له: 
افتخر أيضا بكثرة البيوت التي خربت، وباﻷحياء والمصانع والمعامل واﻷفران والبنى التحتية التي دمرت، وباﻷعراض والمساجد التي انتهكت، وبغير ذلك من مخرجات هذه الثورة الطائشة…

أسال الله عزوجل أن يعيذنا من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يعيد إلى الناس عقولهم التي نزعت منهم، وأن يردهم إلى رشدهم، وأن يلطف بما بقي من البلاد والعباد، وﻻ حول وﻻ قوة إﻻ بالله العلي العظيم.