قصة احتفال الجد الشيخ عيسى البيانوني رحمه الله بمناسبة المولد النبوي الشريف
أيها اﻷحبة:
كان من عادة الجد الشيخ: عيسى البيانوني – رحمه الله تعالى – أن يحتفل بمناسبة المولد النبوي الشريف، سنويا بإقامة وليمة طعام مفتوحة للمحبين عامة يحضرها الفقراء واﻷغنياء، ينفق فيها تقريبا كل ما يملك من مال في تلك اﻷيام…
ثم مرت عليه سنة ﻻ يملك فيها شيئا ينفقه في هذه السبيل، فركبه الهم الكبير والحزن الشديد على اضطراره إلى تغيير عادته وفرحته… وأخذ يبكي بكاء اﻷطفال كلما قربت المناسبة، حتى أثر ذلك على صحته العامة – كما ذكر لي الوالد رحمه الله – ولم يكن بإمكاناتهم المادية مساعدته…
فعم الحزن جميع من حوله.. وقبل الموعد المعتاد للحفلة بيومين أو ثﻻثة: قُرع باب البيت الذي كان يسكنه داخل مسجد أبي ذر في الجبيلة في ساعة متأخرة من الليل!!! فخرج أحد أبنائه يفتح الباب، ففوجئ برجل معه دابة محملة بألوان الطعام، وأخذ يفرغ الحمولة قائﻻ: هذا لسيدنا الشيخ عيسى!!!
فتعجب الجد مما يحدث، وألقى عليه لباسه وخرج مسرعا مستفسرا عما يجري!!؟ ولحق بالشخص وقد عاد، وتعرف عليه، وعرفه تاجرا معروفا من تجار حلب، وسأله عما فعل متعجبا!!؟؟؟
فقال له: يا شيخ، والله إني لم أرى النبي – صلى الله عليه وسلم – مناما في عمري كله، إﻻ هذه الليلة، فرأيته صلى الله عليه وسلم، وأخذ يعاتبني عتابا شديدا، قائﻻ لي: يا فﻻن: كيف تستطيع النوم في بيتك، والشيخ عيسى البيانوني يبكي ﻻ ينام، ﻷنه ﻻ يجد ما ينفقه كعادته على حفل ربيع اﻷول!!!!؟؟
قال: فاستيقظت سعيدا برؤيته صلى الله عليه وسلم، ولم أعد أستطيع النوم… وأيقظت جارا لي عنده دابة حمولة، وأخذته إلى متجري، وأحضرت لك ما أحضرت…
فتأثر الجد بهذه الرؤيا الكريمة التي فرجت عنه هما وغما ركبه منذ مدة، واستبشر بها خيرا… وعمل طعاما على عادته في ليلة المولد الشريف، واستمر عليها حتى وفاته في المدينة المنورة، وتم دفنه في روضة البقيع…
وقد حاولت صياغتها قريبا مما قرأته عنها…
ولعلي أقف مع هذه القصة غدا وقفة علمية، تتعلق بحكم مثل هذه اﻻحتفاﻻت، إن شاء الله…
وكتبها :حفيده المحب المقصر الضعيف: محمد أبو الفتح البيانوني.
في الخامس من ذي الحجة 1436 هـ.
الموافق 9/19 /2015 م.
—————-
الوقفة العلمية:
أيها الأصدقاء الأعزاء:
لقد عرضت عليكم في مداخلتي السابقة قصة جميلة حدثت لجدي الشيخ: عيسى البيانوني -رحمه الله- وذلك بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف…
ولم يكن عرضي لها استدلالا مني بتلك الرؤيا العجيبة على جواز الاحتفال بالمولد – كما ظن البعض -… فليست الرؤى دليلا شرعيا يستدل به على الجواز من عدمه… وإنما يستأنس بها استئناسا فقط لأن الاحتفال في مناسبة المولد الشريف -على الرغم من الاختلاف القائم حول حكمه – فإننا نرجح جوازه واستحسانه – كما ذهب إليه جمهور علمائنا – ولا ينكر في المسائل الاجتهادية المختلف فيها….
ولكني قصدت من وراء عرضها عليكم ،استخلاص عبرة مهمة، ألا وهي:
( أن من يصدق الله في شيء يصدقه الله، ويحقق له مايتمناه.)، فقد كان الجد -رحمه الله – صادقا في حبه لسيدنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وحريصا على الاحتفال بذكرى مولده كل الحرص، فحقق الله له مايتمناه من حيث لا يحتسب…
فلنحرص جميعا على صدقنا مع الله عزو جل في جميع أمورنا كل الصدق…
( فإن من يصدق الله، يصدقه الله.)، (ومن يحفظه يجده تجاهه.)…