أجوبة على تساؤلات حول الحراك الشعبي 5
أيها الأحبة:
كتب إلي أحد الشباب معاتبا: (لقد تحدثت كثيرا عن إساءة الشباب في مواقفهم، وانتقدت إقدامهم على ما لا يحسنون، ولم نقرأ لك شيئا عن إساءة الشيوخ والعلماء، وعن تقصيرهم في أداء واجباتهم في إنكار المنكرات ورفع الظلم عن العباد..!!! فهل الإساءة والتقصير مقصوران على الشباب فقط..؟!).
وفي الإجابة عن هذا أقول:
التقصير في أداء الواجبات، والإساءة في المواقف ليست محصورة في شريحة معينة من الناس، فقد يقصر الكبير قبل الصغير، وقد يسيء العالم كما يسيء الجاهل، لكن لكل مقام مقال..
ولما كانت جل كتاباتي على الفيس بوك موجهة للشباب الذي هو محور الحراكات الشعبية في الفتن القائمة اليوم في وطننا العربي والإسلامي، وكانوا جُلّ المستقبلين عادة لمثل هذه الكتابات، كان معظم النصح والنقد موجها إليهم… ولا يعني هذا تبرئة العلماء والشيوخ من التقصير أو الإساءة في بعض الأمور، فكلنا ذلك الشخص المقصر أو المسيء –ولا أبرئ نفسي- ولكن أسلوب الكلام مع الشيوخ غير أسلوب الكلام مع الشباب، وأسلوب النصح للآباء غير أسلوب النصح للأبناء…
وليس أحد من البشر فوق النصيحة والنقد، بعد أن قرر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين في الحديث الشريف المتفق عليه أن: (الدين النصيحة، قلنا لمن يارسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم).
ومن هنا: كنت كلما التقيت بالعلماء وطلبة العلم كان حديثي منصبا معهم على تقصيرنا نحن، وإساءتنا لأنفسنا وأمتنا، وقلما أتحدث معهم عن تقصير الشباب وإساءاتهم…
وكنا غالبا ما نتفق على وجود تقصيرنا في واجبنا تجاه أنفسنا، وتجاه شبابنا خاصة، وتجاه أمتنا عامة، وكنت أدعو دائما لتكثيف اللقاءات بيننا، وجمع كلمتنا، ولا سيما في الأمور العامة، وأحذر من الاجتهادات الفردية في معالجة الأمور العامة، وشاركت بأكثر من بحث في هذا الموضوع في عدد من المؤتمرات العلمية والدعوية…
ويعلم هذا عني كل من عرفني أو شاركني في تلك اللقاءات والمؤتمرات، ولا أريد هنا: أن أدافع عن نفسي أو عن العلماء بغير حق، وإنما أردت أن أسجل اعترافي بتقصير العلماء من جهة، وأن أشير إلى الفرق الكبير بين أسلوب نصح العلماء، وبين أسلوب نصح الآخرين من جهة أخرى، حتى لا يتخذ اعترافي هذا وسيلة إلى الطعن بالعلماء والتشهير بهم، فما كل ما يُعلم يقال، ولا كل ما يُقال ينشر.