ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

إضاءات دعوية

نقل إلي بعض الإخوة المتابعين للكتابات على الفيس بوك: تعليقاً لأحد الإخوة على مقالة لي سابقة حول ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مفاده :”لو اجتهد قوم وخرجوا على صاحب المنكر، وصار الأمر بينهم سجال يكرون عليه ويكر عليهم… فهل يجوز خذلانهم والتشكيك في فعلهم… أم تجب نصرتهم على كل حال، والوقوف بجانبهم، وشد أزرهم… إلخ”
ولما كان هذا التساؤل صادراً عن أخ كنت أثق بعقليته من جهة، وقد وُجِّهَ إلي مثله من أكثر من سائل من جهة أخرى، رأيت من المصلحة الإجابة عنه، وتعميمها ليعم نفعها إن شاء الله، فأقول:
إن الإجابة عن هذه التساؤلات تحتاج إلى شيء من التفصيل : فإن كان المخالف لفعل هؤلاء المخطئين في نظره يعتقد أن في نصرته لهم، أو يغلب على ظنه أن في نصرتهم تخفيفاً للشر عنهم، فيجب عليه ذلك بالقدر الذي يسعه من ذلك ويقدر عليه… أما إذا كان يعتقد، أو يغلب على ظنه، أن في نصرتهم زيادة الشدة والبطش عليهم، أو تعميماً للشر عليهم وعلى غيرهم، فلا يجوز له فعل ذلك، وحَسبُه نصحهم والدعاء لهم بأن يجعل الله العاقبة خيراً، وأن يلطف بهم وبغيرهم.
وهذا إذا كان هؤلاء المخالفين في الرأي من أهل الاجتهاد في هذه القضايا، الذين يعذرون باجتهادهم، ويستحقون أجراً واحداً على اجتهادهم، أما إذا كانوا ليسوا أهلاً للاجتهاد في هذه القضايا، وإنما من المتجرئين على الاجتهاد فيها، الذين حذّر الرسول –صلى الله عليه وسلم- منهم، وأطلق عليهم وصف (الرويبضة)، وبينه بأنه (التافه ينطق بأمر العامة) فالأمر مختلف جداً.
يقول تعالى :”ولا تقف ما ليس لك به علم..”، ويقول :”واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة..”.
وليعلم الإخوة جميعاً: أننا قمنا بواجبنا في ذلك، يوم أن أَطلّت الفتنة بقرونها في بلادنا، فاتصلنا أكثر من مرة، ومع أكثر من جهة، ولا سيما مع الذين كنا نتوسم فيهم العقل والحكمة، فدعوناهم إلى تدارك هذه الأخطاء بالتعاون معنا، فترددوا أولاً، ثم أعرضوا، معتقدين نجاح أولئك المخطئين، بل أصبح بعضهم من المشجعين لهم، والداعين إلى استمرارهم على خطئهم.. وأصبح بعضهم يدعونا إلى تغير مواقفنا نحن، والرجوع عن آرائنا!! مما زاد الطين بلة، والمحنة شدة..!
وهذه هي الأيام والوقائع تثبت صحة موقفنا واجتهادنا، وتجعل كثيراً من الحائرين والمترددين يوماً بعد يوم يتفهمون هذه المواقف القائمة على اجتهاد العلماء القائم على فقه الموازنات وفقه المآلات، الذين أمر الله بالرجوع إليهم في الملمات ، وبيّن أنهم وحدهم الذين يعلمون الحق في هذه الأمور الدقيقة الملتبسة على معظم الناس، يقول تعالى :”وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به، ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم، لعلمه الذين يستنبطونه منهم..”
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، إنك حليم رحيم…
والحمد لله رب العالمين…