الكلُ يَعجبُ، والأمرُ أعجَب !!
يتصل بي بعض أولادي ، وبعض المُحبين ، يحدثونني عن لقائهم بفلان أو فلان من أهل العلم والفضل ، وينقلون إلي تعجبهم من موقفي وموقف جُل علماء حلب من الأحداث الجارية في بلدي سورية ، التي نسأل الله عزوجل ، أن تخرج منها سليمة معافاة مما جرها إليه أبناؤها الجاهلون بواقعها ، وأعداؤها المتربصون بها ، وأن يعود إليها أمنها واستقرارها في أقرب وقت ممكن …
فأقابلُ تعجبهم بتعجبي من موقف كثير من أهل العلم والفضل من هذه الأحداث ، ولا سيما الذين لا يزالون مستبشرين بالنتائج الطيبة ، على الرغم من المآسي المتكررة ليل نهار !!
ولا يزال هذا العَجَبُ يتكرر من الطرفين ، كلما ضمهما لقاء ، أو جرى بينهما حوار !!
فالكل يَعجب ، والأمر أعجَب !!!
ويزداد عَجَبي كلما التقيت بعالم أو عاقل يشجع على الاستمرار في هذه الحراكات المؤلمة ، التي استغلها المستغلون ، ومكر بها الماكرون ، وإذا سألتُه عن تقييمه لما يجري من أحداث ، أجابني بكل ألم وحزن .. ( إنه انتحار .. ) ، ويجيب آخر ( إننا نمشي في نَفق مُظلم ، ولكن لا بد لنا من مواصلة السير فيه ، وقد جرى ما جرى ..!! ) .
وكأنه من مقتضيات الحكمة والعقل : أن يتابع المرء سعيه في نفق مظلم قُدرَ عليه أن يدخل فيه ..!!
ولا أدري ، هل في القواعد الشرعية والعقلية ما يؤيد هذا التوجه !؟ وهل في السنن الربانية مايدعم هذا السلوك !؟ ..
أين فقه الموازنات في حياتنا ؟ وأين فقه المراجعات في سلوكنا !؟ .
أليس من واجبنا – إن غفلنا عن أهمية هذين الفقهين في حياتنا – أن نعتبر بتجاربنا خاصة ، وبتجارب الآخرين عامة !؟
أم لا بُد لكل إنسان من أن يمر بالتجربة نفسها ، وأن يأخذ العبرة مما فعلت يداه ، فيكرر بذلك على نفسه وعلى غيره المآسي والآلام !؟ وقديما قيل : ( العاقل من اتعظ بغيره ) ، وقيل : ( يداك أَوْكتا ، وفُوكَ نَفخ ) !!
ولا أملك في نهاية هذه التعجبات إلا أن أسأل الله عزوجل : أن يرينا الحق حقا ، ويرزقنا اتباعه ، وأن يرينا الباطل باطلا ، ويرزقنا اجتنابه ، فهو القادر على كل شيء ، وهو الحكيم العليم …
ربنا آتنا من لدنك رحمة ، وهيئ لنا من أمرنا رشدا … والحمد لله رب العالمين .