هَدَفُ تداول السلطة السياسية، وموقعه من المقاصد الإسلامية

حول الحراكات الشعبية

إن من أهداف النظم الديمقراطية السياسية المعاصرة: هدَفُ تداول السلطة بين الناس.
ولا حرج شرعاً أن يتفق الناس فيما بينهم على مثل هذه الأهداف والمقاصد، تحقيقاً للمصالح، ودرءاً للمفاسد في اجتهادهم…
أما أن يكون تداول السلطة هدفاً يُقاتَل عليه، ويَتَحارب الناس من أجله، ويُضحّى في سبيل تحقيقه بالغالي والرخيص، فهذا أمرٌ عَجَب، وأَعجَبُ منه أن يُقْحَم في المقاصد الشرعية، وأن يُفهم كأساس من أساسياتها…
فمتى كان في سيرة الأنبياء والمرسلين مكان لهذا المقصد؟ ومتى كان للصحابة رضوان الله عليهم والفاتحين من بعدهم مثل هذه الأهداف؟
اقرأوا سيرتهم، ونَقِّبوا فيها عن أهدافهم من غزواتهم وجهادهم، لتَتَبيّنوا مكان (تداول السلطة) من أهدافهم..!!
نعم، إن من السنن الربانية والكونية، أن يتداول الناس مثل هذه السلطات، وأن تتكاتف جهودهم على عمارة الأرض وإصلاحها، وأن لا تكون حكراً على قوم دون قوم، أو على أشخاص دون آخرين، يقول تعالى: (وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس…)، ( آل عمران: 140).
ولكن هناك فرقٌ كبير بين السنن الكونية الثابتة، وبين الأحكام الشرعية الواجبة، وبَيْن ما هو لنا، وبَيْن ما هو واجبٌ علينا…
فحَذار حَذار أن تختلط علينا الأمور، وأن تتداخل علينا الدوائر، فتحرفنا عن أهدافنا ومناهجنا…
يقول تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، (الأنعام: 153).

14/ ذو الحجة/ 1433ه، 30/10/2012م