من آداب وشروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإجابة لتساؤلات حولها
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله تعالى :”ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وأولئك هم المفلحون” 104/ آل عمران.
ويقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- :”من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان” رواه الإمام مسلم في صحيحه وغيره من أصحاب السنن.
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خصيصة من خصائص هذه الأمة المسلمة، وواجبٌ شرعي على كل مسلم بالقدر الذي يحسنه.
إلا أن للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شروط وآداب لا بدًّ للآمر من أن يتَتَنبَّه إليها، ويتحلّى بها… وسأقدم للإخوة المسلمين –إن شاء الله- مقالات متتابعة تشير إلى بعض هذه الآداب والشروط التي نبَّه إليها علماء الأمة ، وغفل عنها كثير من المسلمين، نظراً لأهميتها وعظيم شأنها.
فمن هذه الشروط والآداب، ما ذكره الإمام ابن تيمية –رحمه الله- في هذا المقام فقال:(…فلا بدّ من هذه الثلاثة: العلم، والرفق، والصبر. العلم قبل الأمر والنهي، والرفق معه، والصبر بعده، وإن كان كل من الثلاثة مُستَصحَباً في هذه الأحوال).
وهذا كما جاء في الأثر عن بعض السلف، ورووه مرفوعاً، ذكر القاضي أبو يعلى في المعتمد “لا يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، إلا من كان فقيهاً فيما ينهى عنه، رفيقاً فيما يأمر به، رفيقاً فيما ينهى عنه، حليماً فيما يأمر به، حليما فيما ينهى عنه…” فتاوى ابن تيمية (28/137-138).
أقول: فبالغفلة عن مثل هذه الشروط والآداب : أساء كثير من المسلمين إلى هذا الواجب، فشوَّهوا خصيصة هذه الأمة، وبالغفلة عن هذا الواجب ونسيانه، فقد كثير من المسلمين فضل هذه الخصيصة، فعَمَّ الشر حياتهم، وساد المنكر في مجتمعاتهم.
أسأل الله عز وجل أن يوقظنا من هذه الغفلة، ويوفقنا للعمل بهذه الخصيصة على بصيرة، لنكون بحق خير أمة أخرجت للناس.
بسم الله الرحمن الرحيم
من الحكم الجميلة المشهورة، الحكمة القائلة: (إن إرضاء الناس غاية لا تدرك، وإرضاء الله غاية لا تُترك، والأحمق الذي يُضيع الغاية التي لا تُترك، في سبيل الحصول على الغاية التي لا تدرك)
فكم في الناس من يبحث عن إرضاء الناس بسخط الله عز وجل، فيسعى جاهداً، ويبذل وسعه في إرضاء الناس، ولو اضطره ذلك لإراقة ماء وجهه، أو تغيير كلامه، وتكذيب نفسه، أو تغيير قناعته ومواقفه تبعاً لإرضاء فلان أو فلان… ولا سيما إذا ظن واهما غلبة طرف على طرف، أو شخص على آخر!!
ثم يجد نفسه في الدنيا منبوذاً مذموماً من أقرب الناس إليه، فيعض أصابع الندم يوم لا ينفع الندم، فيأسى على تلك الكلمات والمواقف… ويلقى عقابه في الآخرة، وبئس المصير.
وكم من الناس من قدّم إرضاء الله على إرضاء الناس، فتمسّك بالحق على الرغم من قلة المتمسكين به، ورَفَض الباطل على الرغم من كثرة المؤيدين له، مُقَدّما رضاء الله على رضاء غيره.. فنال بذلك مأربه ومقصده من رضاء الله في الدنيا والآخرة، وأرضى الله عنه كثيراً من الناس بعد سخطهم عليه… لأن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلّبها كيف يشاء، فيضع الله له القبول في الأرض –كما ورد في الأحاديث الصحيحة-!!
اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا، ويوم يقوم الأشهاد، واجعلنا من الذين يشترون رضاءك بسخط الناس، وأعذنا من شر نفوسنا، وسيئات أعمالنا، إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير.
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الإمام ابن تيمية –رحمه الله- في معرض الحديث عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبيان بعض مسائله: “فينبغي للعالم أن يتدبر أنواع هذه المسائل، فالعالم تارة يأمر، وتارة ينهى، وتارة يبيح، وتارة يسكت عن الأمر والنهي والإباحة، كالأمر بالصلاح الخالص أو الراجح، أو النهي عن الفساد الخالص أو الراجح، وعند التعارض يرجح الراجح –كما تقدم- بحسب الإمكان.
فأما إذا كان المأمور والمنهي لا يتقيّد بالممكن: إما لجهله، وإما لظلمه، ولا يمكن إزالة جهله وظلمه، فربما كان الأصلح الكفّ والإمساك عن أمره ونهيه، كما قيل: “إن من المسائل مسائل جوابها السكوت” كما سكت الشارع في أول الأمر عن الأمر بأشياء، والنهي عن أشياء، حتى علا الإسلام وظهر…
فالعالم في البيان والبلاغ كذلك، قد يؤخر البيان والبلاغ لأشياء إلى وقت التمكّن، كما أخر الله سبحانه إنزال آيات وبيان أحكام إلى وقت تمكن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إلى بيانها.
والحجة على العباد إنما تقوم بشيئين: بشرط التمكن من العلم بما أنزل الله، والقدرة على العمل به، فأما العاجز عن العلم كالمجنون، أو العاجز عن العمل، فلا أمر عليه ولا نهي.
فإذا حصل من يقوم بالدين من العلماء أو الأمراء، أو مجموعهما، كان بيانه لما جاء به الرسول –صلى الله عليه وسلم- شيئاً فشيئاً، بمنزلة بيان الرسول –صلى الله عليه وسلم- لما بعث به شيئاً فشيئاً، ومعلوم أن الرسول لا يُبَلغ إلا ما أمكن علمه والعمل به، ولم تأت الشريعة جملة، كما يقال: “إذا أردت أن تطاع فأمر بما يُستطاع”.
فكذلك المجدِّد لدينه، والمُحيي لسنته، لا يبلغ إلا ما أمكن علمه والعمل به…” مجموع الفتاوى (20/57-60).
أقول: وبالغفلة عن مثل هذه الشروط والآداب في الأمر والنهي، وقع كثير من المسلمين في الإفراط والتفريط، وتجنبوا الحكمة في دعوتهم، فأضروا من حيث أرادوا الإحسان.
أسأل الله لنا وللمسلمين السداد والصواب في القول والعمل.
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الإمام ابن القيم –رحمه الله-: “…فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه، وأبغض إلى الله ورسوله، فإنه لا يسوغ إنكاره، وإن كان الله يُبغضه ويمقت أهله، وهذا: كالإنكار على الملوك بالخروج عليهم، فإنه أساس كل شر وفتنة إلى آخر الدهر…
وقد استأذن الصحابةُ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في قتال الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، وقالوا: أفلا نقاتلهم؟، فقال: لا، ما أقاموا الصلاة، وقال: “من رأى من أميره ما يكرهه، فليصبر، ولا ينزعنّ يداً من طاعة”.
ومن تأمل ما جرى على الإسلام والمسلمين من الفتن الكبار والصغار، رآها من إضاعة هذا الأصل، وعدم الصبر على منكر، فطلب إزالته، فتولّد منه ما هو أكبر منه!
فقد كان –صلى الله عليه وسلم- يرى بمكة أكبر المنكرات ولا يستطيع تغييرها، بل لمّا فتح الله مكة، وصارت دار إسلام، عزم على تغيير البيت، وردّه على قواعد إبراهيم، ومَنَعه من ذلك مع قدرته عليه، خشيةُ وقوع ما هو أعظم منه، من عدم احتمال قريش ذلك، لقرب عهدهم بالإسلام، وكونهم حديثي عهد بكفر، ولهذا لم يأذن في الإنكار على الأمراء باليد، لما يترتب عليه من وقوع ما هو أعظم منه …
فإنكار المنكر أربع درجات: الأولى: أن يزول ويخلفه ضده، الثانية: أن يقلّ وإن لم يزُل بجملته، الثالثة: أن يخلفه ما هو مثله، الرابعة: أن يخلفه ما هو شر منه.
فالدرجتان الأُوليان: مشروعتان، والثالثة موضع اجتهاد، والرابعة: محرّمة” إعلام الموقعين 3/ 4-15.
أقول: هكذا بيّن العلماء ضوابط وآداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فنصحوا الأمة، وأدوا الأمانة، فجزاهم الله عنا خيراً.
وغفل عنها كثير من المسلمين، فذاقوا الويلات، وتوالت عليهم النكبات…
أسأل الله أن يهيئ للمسلمين أمر رشد، يُعز فيه أهل طاعته، ويُذل فيه أهل معصيته، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، إنه على ما يشاء قدير.
ملاحظة: هذه المقالات الثلاث المتتابعة في موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مقتبسة في جملتها من كتابي “جهاد الكلمة: معالمه وضوابطه” الذي طبعته دار القلم بدمشق ضمن سلسلة ( كتب قيمة) رقم 13/ عام 1418هـ – 1997م، فليرجع إليه من أحب الزيادة .
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الإخوة الأحبة: كتبت في الأيام القريبة الماضية ، ثلاث مقالات حول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وضوابطهما، وردت حولاها استفسارات وتعليقات من قبل بعض المطلعين، تدور حول وصفها بكلمة حقٍ قيلت في غير وقتها، وفي غير موضعها …
وفي الإجابة عن بعض هذه التساؤلات والتعليقات أقول :
– إن ما أكتب على صفحة (الفيس بوك) ، لم أكتبه للإخوة السوريين فحسب، وإنما أكتبه لكل أخ مسلم يتطلع إلى الحقيقة والواجب تجاه هذا الركن العظيم من أركان الدين، فالمسلمون أينما كانوا بحاجة إلى هذه المعلومات والضوابط الشرعية ليكونوا على بصيرة من أمر دينهم، وحكمة في سبيل دعوتهم … حتى لا يقعوا فيما وقع فيه غيرهم من غفلة عنها، أو أخطاء في تطبيقاتها …
– إن جميع ما كتبته في هذه المقالات، قلته وتحدثت عنه قبل أحداث سورية المؤلمة، وأثناء الأحداث في الدروس العامة والخاصة، وفي الكتب والمقالات، وكل ذلك موجود في كتابي ( جهاد الكلمة: معالمه وضوابطه ) الذي طبع قبل 15 سنة – كما أشرت إلى ذلك في مقالتي الثالثة السابقة –
– وأن جل ما كتبته في هذه المقالات كان نقلا عن بعض الأئمة العلماء القدماء الذين سبقوا عصورهم، فكتبوا معالجين لمشكلات عصرهم والعصور التي بعدهم، مهتدين في ذلك، بقواعد الكتاب والسنة الشاملة والخالدة …
– كما أن بعض ما أكتب تأصيلا لآراء ومواقف كثير من علمائنا المعاصرين الذين فهم بعض الناس موقفهم خطأ من الأحداث التي تدور في بلادهم، فأساؤوا الظن فيهم، سواء كان اجتهادهم في هذه المسألة صوابا أو خطأ في نظر الآخرين …
– وكلي أمل بأن ينفع الله بهذه الكلمات إخواني المسلمين عامة، فيبصرهم في أمور دينهم، ويسددهم في مناهج وأساليب دعوتهم وإصلاحهم، حتى لا يسيئون، وهم يظنون أنهم يحسنون صنعا … وأختم بتذكيري بقول الله عز وجل :
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم، ويغفر لكم ذنوبكم، ومن يطع الله ورسوله، فقد فاز فوزا عظيما … ) . صدق الله العظيم .
بسم الله الرحمن الرحيم
ورد سؤال من أحد الإخوة يستفسر فيه عن حكمة تقديم التغيير باليد على التغيير باللسان، في الحديث الشريف، مع أن التغيير باللسان قد يكون أنفع وأحسن في كثير من الأحيان، ولماذا كان المغير باللسان أضعف إيماناً من المغير باليد!؟
وفي الإجابة عن ذلك أقول:
إن حديث مسلم: “من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان”، ورد في سياق بيان أبلغ درجات التغيير وأكملها، ذلك لأن مهمة الداعية الأساسية هي التغيير للمنكر القائم، وليست مجرد التذكير بأنه منكر.
وهذا لا يتعارض مع مراتب الاحتساب المتفق عليها، والتي تبدأ بالتعريف، ثم بالتخويف، ثم بالتعنيف… إلخ، والتي أشارت إليها الآية الكريمة :”…فعظوهن، واهجروهن في المضاجع، واضربوهن…”.
فمن قدر على تغيير المنكر باليد، لا بدّ أن يسبق تغييره باليد الموعظة الحسنة، والتعريف بالحكم، ولا سيما مع من يغلب على الظن جهله بالحكم، أو عدم معرفته بأنه منكر.
ومن لم يقدر على تغيير المنكر باليد لسبب من الأسباب، لا يسعه السكوت عنه، وإنما عليه أن يُبين الحكم ويعلن إنكاره للمنكر، ومن لم يقدر على الإنكار باللسان، نظراً لظروف محيطة به مثلاً، لا يسعه تجاهل المنكر مطلقاً، بل لا بدّ له من إنكاره بقلبه، وإظهار عدم رضائه به… وهذا هو أقل واجب يجب عليه، إذ أن الإنكار بالقلب، لا يستطيع أحد أن يدعي عدم استطاعته له، فإذا حدث ذلك من شخص، دلّ على ضعف إيمانه ضعفاً شديداً، حيث لم يغضب لما يُغضب الله ورسوله –صلى الله عليه وسلم-.
ومن هنا كان الإنكار بالقلب واجباً عينياً على كل مسلم رأى منكراً، متى عجز عن الإنكار باللسان أو اليد، خلافاً للإنكار باليد أو اللسان، فهما واجبان كفائيان، إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين.
فضعف الإيمان المشار إليه في الحديث الشريف مرتبط بمن ترك التغيير بدرجاته الثلاث.
ولا يُفهم منه: أن من أنكر بلسانه لعدم استطاعته الإنكار بيده، كان أضعف إيماناً ممن قدر على الإنكار بيده، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
هذا ما بدا لي من فهم الحديث الشريف، وهو مُنسجم مع القواعد الشرعية التي يذكرها العلماء في مراتب الاحتساب، والله أعلم.
أسأل الله عز وجل أن يوفقنا إلى القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يُبصرنا بالمنهج والأسلوب والوسيلة المؤدية إلى ذلك، فهو الموفق والمعين… والحمد لله رب العالمين.
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل إلي بعض الإخوة المتابعين للكتابات على الفيس بوك: تعليقاً لأحد الإخوة على مقالة لي سابقة حول ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مفاده :”لو اجتهد قوم وخرجوا على صاحب المنكر، وصار الأمر بينهم سجال يكرون عليه ويكر عليهم… فهل يجوز خذلانهم والتشكيك في فعلهم… أم تجب نصرتهم على كل حال، والوقوف بجانبهم، وشد أزرهم… إلخ”
ولما كان هذا التساؤل صادراً عن أخ كنت أثق بعقليته من جهة، وقد وُجِّهَ إلي مثله من أكثر من سائل من جهة أخرى، رأيت من المصلحة الإجابة عنه، وتعميمها ليعم نفعها إن شاء الله، فأقول:
إن الإجابة عن هذه التساؤلات تحتاج إلى شيء من التفصيل : فإن كان المخالف لفعل هؤلاء المخطئين في نظره يعتقد أن في نصرته لهم، أو يغلب على ظنه أن في نصرتهم تخفيفاً للشر عنهم، فيجب عليه ذلك بالقدر الذي يسعه من ذلك ويقدر عليه… أما إذا كان يعتقد، أو يغلب على ظنه، أن في نصرتهم زيادة الشدة والبطش عليهم، أو تعميماً للشر عليهم وعلى غيرهم، فلا يجوز له فعل ذلك، وحَسبُه نصحهم والدعاء لهم بأن يجعل الله العاقبة خيراً، وأن يلطف بهم وبغيرهم.
وهذا إذا كان هؤلاء المخالفين في الرأي من أهل الاجتهاد في هذه القضايا، الذين يعذرون باجتهادهم، ويستحقون أجراً واحداً على اجتهادهم، أما إذا كانوا ليسوا أهلاً للاجتهاد في هذه القضايا، وإنما من المتجرئين على الاجتهاد فيها، الذين حذّر الرسول –صلى الله عليه وسلم- منهم، وأطلق عليهم وصف (الرويبضة)، وبينه بأنه (التافه ينطق بأمر العامة) فالأمر مختلف جداً.
يقول تعالى :”ولا تقف ما ليس لك به علم..”، ويقول :”واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة..”.
وليعلم الإخوة جميعاً: أننا قمنا بواجبنا في ذلك، يوم أن أَطلّت الفتنة بقرونها في بلادنا، فاتصلنا أكثر من مرة، ومع أكثر من جهة، ولا سيما مع الذين كنا نتوسم فيهم العقل والحكمة، فدعوناهم إلى تدارك هذه الأخطاء بالتعاون معنا، فترددوا أولاً، ثم أعرضوا، معتقدين نجاح أولئك المخطئين، بل أصبح بعضهم من المشجعين لهم، والداعين إلى استمرارهم على خطئهم.. وأصبح بعضهم يدعونا إلى تغير مواقفنا نحن، والرجوع عن آرائنا!! مما زاد الطين بلة، والمحنة شدة..!
وهذه هي الأيام والوقائع تثبت صحة موقفنا واجتهادنا، وتجعل كثيراً من الحائرين والمترددين يوماً بعد يوم يتفهمون هذه المواقف القائمة على اجتهاد العلماء القائم على فقه الموازنات وفقه المآلات، الذين أمر الله بالرجوع إليهم في الملمات ، وبيّن أنهم وحدهم الذين يعلمون الحق في هذه الأمور الدقيقة الملتبسة على معظم الناس، يقول تعالى :”وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به، ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم، لعلمه الذين يستنبطونه منهم..”
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، إنك حليم رحيم…
والحمد لله رب العالمين…