هل يمكن لهذه الثورة في بلادنا أن تفشل؟؟ وما لنا نراك متشائما؟؟

حول الحراكات الشعبية

إثر جلسة أخوية مع عدد من الإخوة الأحبة منذ أيام، دار فيها الحديث عن الوضع القائم في سورية، وتوضيح رأي وموقف بعض العلماء الأفاضل منها، الذين أثبت الواقع العملي صِدق رؤيتهم، وبعد نظرتهم … جاءني أحدهم على انفراد سائلا ومتحمسا:

يقول: ( هل يمكن لهذه الثورة في بلادنا أن تفشل)؟ فقلت: إن الفشل ليس مستحيلا، فالأمور بيد الله عز وجل، ورهن مشيئته، فادعو الله أن يجعل العاقبة خيرا… فقال يا أخي: والله إن فشلت، سيكفر الناس بهذا الإسلام !! قلت: حَسبُكَ، فإن قدر الله ذلك، فقد يكفر بعضهم بمصداقية كثير من المسلمين الذين مارسوا أخطاءهم باسم الإسلام، أما الإسلام: فهو دين الله المحفوظ بحفظه، لا يزيغ عنه إلا هالك… فتألم وانصرف … وتألمتُ معه، واستمر هذا الألم في نفسي حتى كتبت هذه الكلمات …
لهذا أيها الأحبة: فلنتق الله في إسلامنا، وأنفسنا، وفي أهلينا، وفي أوطاننا…
ولنعلم أن الملك لله، فهو وحده الذي يؤتي الملك من يشاء ، وينزعه ممن يشاء، لا غالب لأمره، وإنه إذا أراد شيئا يقول له: كن فيكون …
فلنعمق ثقتنا في الله، ولنستمسك بهديه وشرعه، ولننضبط بمنهجه في التغيير والإصلاح ، فهو وحده القادر أن يصلح أعمالنا، ويتقبل حركتنا ونشاطنا .. ولا تخدعنا الأحداث التي تجري هنا أو هناك، فنركن إلى الوعود الكاذبة، أو تجرنا العواطف الجامحة…
ولنعد في قضايانا الكبرى إلى علمائنا وعقلائنا الموثوقين في دينهم وعلمهم، ولا يَستخفننا الذين لا يوقنون …
اللهم هيء لنا من أمرنا رشدا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، إنك رحيم حليم … آمين، والحمد لله رب العالمين .

٢٤ يناير ٢٠١٣ ·

=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

تساءل أحدهم قائلاً: ما لنا نراكَ متشائماً في مقالتك الأخيرة التي تجيب فيها السائل عن إمكانية فشل الثورة في بلدك!!؟

فقلت: لم أكن متشائماً أبداً، ولم أعرف التشاؤم في أموري كلها والحمد لله، ولكني بنيت إجابتي للسائل على يقيني بأن النصر والفشل بيد الله وحده، فهو الذي يذل من يشاء، ويعز من يشاء، وهو الذي إذا أراد شيئاً، قال له: كن فيكون… فليس هناك مستحيلٌ أمام إرادة الله سبحانه.
والتفاؤل حَسَنٌ ومطلوب إذا وُضع في محلّه، ويُعدّ نوعاً من الغرور والجهل إذا وضع في غير محله…
فأي قتالٍ إذا لم تتحقق فيه شروط النصر، كان النصر فيه مستبعداً، وكثيراً ما تحدثت في مقالاتي السابقة عن شروط صحة القتال، وعن شروط النصر فيه.
فانظر أخي الكريم في أي قتال، وفي أي زمان ومكان: هل تحققت فيه الشروط التالية:
1-هل كان هذا القتال في سبيل الله وإعلاء كلمته عند من قاموا به، وعند من أيَّده وشجع عليه محلياً أو إقليمياً أو دولياً؟.
2-هل كان أمر هذا القتال صادراً عن مجموعة أهل الحل والعقد مجتمعين من العلماء والعقلاء والخبراء، أم كان صادراً قراره عن غيرهم؟
3-هل كان الصف القتالي واحداً متماسكاً مرتصاً كما يحب الله؟
4-هل التزمت فيه أحكام الشرع وآدابه التي لا تخفى على مسلم؟
فإن كانت الإجابة عن هذه الأسئلة إيجابية، فإنه يحق لي ولك أن نتفاءل بنصر الله فيه.
وإن كانت الإجابة الصحيحة غير ذلك: فَلنَعد إلى أنفسنا، ولا يغرنا بالله الغرور…
ومع هذا: لا نيأس من رحمة الله، فهو الرحيم الحليم، والعفو الغفور… وهو القائل سبحانه: “وما أصابكم من مصيبة، فبما كسبت أيديكم، ويعفو عن كثير”.
ولنلجأ إلى الله تائبين متضرعين، سائلين له سبحانه أن يغفر لنا خطايانا، وأن لا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، وأن يجعل العاقبة خيراً… فهو القادر على كل شيء، وهو اللطيف الخبير .

٢٧ يناير ٢٠١٣ ·