العلاقة المتلازمة بين هدف الداعية وبَيْن أسلوبه
هناك علاقة وثيقةٌ بين هدف الداعية إلى الله وبين أسلوبه مع المدعوين…
فمن كان هدفه هداية المدعو وإنقاذه من ضلالِه، يختلف أسلوبه معه عمن كان هدفه الانتقام من المدعو والقضاء عليه.
ومن كان هدفه إصلاح الظالم والتخفيف من ظلمه، يختلف أسلوبه معه عمن كان هدفه إزاحة الظالم وإزالته، وهكذا…
فليس من الحكمة أبداً – إن كان هدف الداعية هداية المدعو وإصلاحه، أو التخفيف من ظلمه – أن يصفه بالضلال، أو يناديه يا ظالم، أو يطرح عليه ما اختار من ألقاب…، وإلا حكم على دعوته وهدفه بالفَشَل مُسْبَقا، وإنما عليه أن يُسلَّط الضوءَ على إيجابياته، ليزداد منها، وعلى أثر سلبياته ليحذرها.!!
وإذا احتاج إلى ذكر السلبيات، ذكرها فيما بَيْنه وبين المدعو خاصة، ليعينه على تجنُّبها، ويحذره من عواقبها… لا ليُعيِّره بها، ويستفزَّه بذكرها…
ومن هنا: نفهم الأسلوب الرباني في توجيه الله سبحانه وتعالى رسوله موسى وأخاه هارون عليهما السلام حينما أرسلهما إلى فرعون، حيث أمرهما أن يذهبا إلى فرعون – وما أدراك مَنْ فرعون- وقال لهما: ﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾، [طه: 44]، وهو سبحانه يعلم علم اليقين أنه لن تفيد فرعون دعوتهما، ولا لطف أسلوبهما، ولكنه المنهج الرباني في الدعوة، يربِّي عليه رُسُلَه والدعاة إليه.
فلم يكن هدف موسى وهارون عليهما السلام القضاء على فرعون، أو إزاحته عن عرشه، ولا إزالته عن حكمه، وإنما كان هدفهما: دعوته إلى الحق، وتخفيف شره، أو إنقاذ بني إسرائيل من ظلمه…
وما كان هدف ربعي بن عامر رضي الله عنه القضاء على رستم – وما أدراك من رستم -، ولا إزالة عرشه، أو إزاحته عن حكمه…، وإنما كان هدفه: هدايةَ رستم،وإنقاذ قومه من ضلاله وجبروته، لذلك كانت إجابته لما سئل عن هدفه: “إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله عز وجل، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها…)