إن عدم تحديد الداعية لأهدافه في الدعوة : قد يوقعه في الانحراف عن طريقه ، أو يجعله يتخبط في أساليبه ، أو يقطعه عن الاستمرار في دعوته كما هو ملاحظ .
إن لتحديد الأهداف الدعوية ، ولاسيما عند واضعي المناهج فوائد عديدة، منها : السلامة من الانحراف عن طريق الدعوة ، الوضوح في أسلوب العمل ، الاستمرارية في الدعوة .
إلى كل داعية ، تذكر قوله تعالى : فبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِك ...
إذا كان من حق المدعو أن يُدعَى ، ولا يُهمَل ، فإن من واجبه أن يَستجيب فلا يُعرض .
إن للمدعو حقوقا ، كما أن عليه واجبات ، ولعل أهم حق للمدعوين في عنق الدعاة : أن يُقصدوا ويُدعوا، أو يُرسَل إليهم ، وأن لا تكون الدعوة لهم عرضا أو مصادفة … كما أن من حقوقهم : أن يحرص عليهم جميعا ، وأن لا يستهان بأي واحد منهم أيا كان شأنه ..
من الغفلات التي يقع فيها دعاة اليوم ، حيث يُشغلون بدعوة الآخرين عن دعوة أنفسهم ، أو يهتمون بدعوة الأباعد أكثر من دعوة الأقارب … قال تعالى ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم، وأنتم تتلون الكتاب ، أفلا تعقلون ) …
من أبرز معالم إعداد الداعية : تعلم أحكام الإسلام وخصائصه وآدابه، والعناية بمدارسة القرآن والسنة، وصحبة العلماء العاملين، والعناية بالتطبيقات الدعوية .
على الداعية ملاحظة مستويات الناس وتفاوتها ، وأن ينزل الناس منزلتهم .
من مستلزمات عمل الداعية : مخالطة الناس لدعوتهم إلى الخير، ونهيهم عن الشر، كما جاء في الحديث: (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على آذاهم ، أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ، ولا يصبرعلى أذاهم ) …
الداعي في دعوته مثل الطبيب في مهنته، قد يطلع على بعض العورات ليعالجها، فيجب عليه سترها وعدم فضح صاحبها .
على الداعية أن يحسن الظن بالمسلمين جميعا، وأن يجري أحكامه فيهم على الظاهر، ويكل أمر السرائر إلى الله تعالى ، ولا يستلزم إحسان الظن بالناس الغفلة عن واقعهم، والسكوت عن أخطائهم، ولكنه قد يستلزم حمل أقوالهم وأفعالهم على الأصلح ، كما لايتعارض حسن الظن مع الحذر .
على الداعية أن يجاهد نفسه للتحلي بالأخلاق الحسنة ، والتخلي عن الأخلاق السيئة، فإن العلم بالتعلم ، والحلم بالتحلم .
على الداعية أن يكون حكيما في أسلوب دعوته ، يختار لمن يدعوهم الأسلوب الحسن المناسب، فيضع كل أسلوب في محله ، والحكيم هو من يحسن الاختيار .
لا بد للداعية أن: يحيط بواقع الدعوة ، وواقع المدعوين من حوله ، وواقع الداعية نفسه وما يحيط به من ظروف وأحوال ، فعلى أساس هذا الوعي : توضع الخطط ، وتحدد الأولويات ، وتعقد الموازنات، وبالوعي تكتمل بصيرة الداعيه بدعوته .
أي عمل دعوي لا يقوم على قواعد سليمة وأسس صحيحة، ومبادئ قويمة، لهو عمل باطل لا يؤدي إلى خير.
ما أضعف موقف الداعية الذي يتحدث عن محاسن الإسلام وصلاحية تطبيقه في كل زمان ومكان ، ثم لايرى أثر ذلك في نفسه وأسرته !! فإن لسان الحال أبلغ من لسان المقال .
لاخير في داعية لا يوافق علمه عمله ، ولايستقيم سلوكه ، وإن من أخطر ما يصاب به الدعاة انفصال علمهم عن عملهم ، قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون، كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون ) ..
أي جهل بقواعد وأسس ومبادئ الدعوة يجعل الداعية يدعو على غير بصيرة، فيخبط في دعوته خبط عشواء، ويضر من حيث يريد النفع، ويسيئ من حيث أراد الإحسان .
إذا كان الاتصال الوثيق بالله تعالى أهم صفة في جانب صلة الداعية بالله ، فإن التخلق بالخلق الحسن أهم صفة في جانب صلة الداعية بالمدعويين .