مما كتب حول الكتاب
اسم الكتاب: المدخل إلى علم الدعوة – المؤلف : أ.د. محمد أبو الفتح البيانوني
عدد الصفحات : 453 صفحة
في هذا الكتاب طرح جميل وشيق بأسلوب منظم وبمنهج علمي وأكاديمي عال المهنية، حيث تجد الأساسيات التي يرتكز عليها علم الدعوة، وهو في الحقيقة من نوادر روائع ما قرأت لرجل أكاديمي، حيث تعاني الأمة من الجمود الرسمي وتكرار الخطاب و تلقين الفقه والدين.
إنما هذا الكتاب له شأن اخر فهو بحق كما يصف نفسه ( دراسة منهجية شاملة ) لكل من:
1) تاريخ، 2) أصول، 3) مناهج، 4) أساليب، 5) وسائل، 6) مشكلات الدعوة .
والشيء المبهج أن الكاتب يعتمد منهج وسطي في النقل والعقل، ويراعي الواقع والمقاصد والأولويات، كما أنه يؤصل تأصيلا جميلا لكل أصل من أصول الدعوة، ويشرح بإسهاب ممتع مناهجها، ويفرق بين أساليبها ووسائلها كما يطرح بكل صدق مشكلاتها.
يقول الدكتور البيانوني:
(والدعوة الإسلامية أحق دعوة يجب أن يُعنى بأصولها لأنها دعوة العباد الى الله عز وجل)
ولم يخالف المؤلف قوله، حيث عني أشد العناية بكتابه ومدخله ومواضيعه وطرحه.
ويمكن أن نلخص مواضيع الكتاب كالتالي:
تعريف وبيان وأحكام ومصطلحات علم الدعوة، ثم تاريخها منذ البعثة وحتى كتابة الكتاب.
وأركان الدعوة: الأجزاء التي تمثل حقيقة الدعوة ولا تقوم الدعوة إلا بها، والركن لغة أحد الجوانب التي يستند إليها الشيء، وأركان الدعوة ثلاث: الداعي والمدعو ثم موضوع الدعوة.
ومناهجها: هي نظم الدعوة والخطط المرسومة لها، وهي أيضا ثلاث، عاطفي: ( كل الدعاة تقريبا يستخدمونه في غير موضعه ) وهو نظام دعوي يرتكز على القلب، و حسي: وهو يرتكز على الحواس، و عقلي: يرتكز على العقل.. وأساليب العاطفي تحرك العاطفة والوجدان، وأساليب الحسي تعتمد على المشاهدات والتجارب، وأما أساليب العقل فتعتمد على التدبر والتفكر والاعتبار..
وخصائص المناهج الدعوية ثلاث: الانضباط و التدرج و الاستمرار ، وهذه خصائص عامة ولكل أسلوب منها خصائصه الخاصة به أيضا .
وأساليبها أربع: الحكمة والموعظة والمجادلة والقدوة الحسنة، وأساليب الدعوة: هي الطرق التي يسلكها الداعي في دعوته أو هي طرق وكيفيات تطبيق مناهج الدعوة، والحكمة: هي إصابة الحق بالعلم والعقل، وهي الكلام الذي يقل لفظه ويُجَل معناه، وهي على العموم وضع الأشياء في موضعها، والموعظة: هي النصح والتذكير بالعواقب، وهي في الاصطلاح الدعوي ترادف النصيحة، والجدل لغة شدة الخصومة – وكذلك مقابلة الحجة بالحجة، واصطلاحا دفع المرء خصمه عن فساد قوله بحجة أو شبهة، وأنواعه:
جدل ممدوح: وهو الذي يكون هدفه إحقاق الحق ونصرته، ويكون بأسلوب صحيح مناسب، ويؤدي إلى الخير، فهذه ثلاث شروط ليكون الجدل ممدوحا،
والنوع الثاني جدل مذموم: وهو خلاف كل ما سبق أو جزء منه.
وأدلة استخدام أسلوب المجادلة، قوله تعالى: ( وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )، وحثه صلى الله عليه وسلم على ترك الجدال فهو ترك الجدال المذموم، لكونه قد لا يؤدي إلى الخير أو الجدال في القران وآياته البينات.
وهنا وجب التنويه بخصوص انتشار المجادلات والمناظرات على ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (درء التعارض) ” كل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه ولا وفّى بموجب العلم والإيمان ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس ولا أفاد كلامه العلم واليقين”.
وقد ذكرت ذلك وذكره المؤلف حسرة وتحسرا على حال الدعاة البلهاء حيث يؤتي بهم ليناظروا فيلعب بهم الكرة ولا يبينون فقها ولا يحسنون قولا كما أنهم يسببون ارتفاع الضغط وقرط الأسنان غيظا من غبائهم !!! والحمد لله مرة اخرى أن المؤلف لم يشهد مناظراتهم كي لا يخرج عن وقاره الذي لمسته في كتابه…)
وخصائص أساليب الدعوة:
الفطرية، وتعني انسجامها مع الفطرة ثم التنوع، ويعني تعدد أساليب الدعوة وتنوعها بما يغطي الحاجات وهذه في الحقيقة متاحة وموجودة،
والخصيصة الثالثة لوسائل الدعوة هي التطور، وتعني هنا عدم ثباتها وجمودها على شكل واحد وفعليا قلة قليلة فقط من الدعاة يتطورون والبقية جمادات مضحكة قولا وفعلا.
وقد لا تندهش إذا علمت أن للمؤلف باع في منهج التوسط والوسطية في الدعوة وله كتاب آخر بحثي وهو الأصالة والمعاصرة خصيصتان من خصائص الدعوة،
وسائل الدعوة: وهي ما يتوصل به الداعية إلى تطبيق مناهج الدعوة من أمور معنوية أو مادية، فالمعنوية منها هي جميع ما يعين الداعية على دعوته من أمور قلبية أو فكرية، والمادية جميع ما يعين من أمور محسوسة، والوسائل المادية بدورها تنقسم إلى وسائل فطرية ووسائل فنية أو علمية، وأخيرا وسائل تطبيقية أو عملية.
ويستفيض في تفصيل وسائل الدعوة ويشرح ضوابط مشروعية وسائل الدعوة وهي خمس ضوابط النص على (المشروعية – التحريم – الإباحة ) للوسيلة في الكتاب أو السنة، فهذه ثلاث ثم خروجها عن كونها شعار لكافر فهذه الرابعة، والخامسة الترخيص في استعمال الممنوع في بعض الأحوال.
وكقاعدة عامة: للوسائل حكم العادات، وللأساليب حكم المناهج، ويؤصل المؤلف بكل تفصيل إلى الوسائل المشهورة من قول وفعل وحركة وكتابة، ثم الوسائل الحديثة المستحدثة من راديو وتلفاز وكذلك التمثيل كوسائل فنية متنوعة.
ولو رأينا الخصائص العامة للوسائل الدعوية بأنواعها فهي ثلاث خصائص:
خصيصة الشرعية: وتعني انضباط الوسيلة بحكم الشرع وخصيصة التطور ثم خصيصة التكافؤ وتعني التماثل والموازاة بين الوسيلة والغاية، وللأسف الأخيرة مفقودة في الأغلب إلا من رحم !!!
والجزء المفضل، هو مشكلات الدعوة وعقباتها، وقد اجتهد المؤلف كثيرا في بيانها، لكن المشكلات ليست حصرية حيث أنها تضمنت مشكلات معاصرة له، أما الآن فالحقيقة أن الدعاة أنفسهم أصبحوا عقبة في طريق الدعوة – ولنا الله -.
كتبه: المهندس / أحمد محروس – حفظه الله تعالى وشكر له –