من مداخل الشيطان على الشباب
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ، وعلى أله وصحبه أجمعين ، أيها الأبناء الأعزاء ، أيتها البنات الكريمات :
السلام عليكم وحمة الله وبركاته ، وبعد :
فقد خصصت هذه الرسالة في مداخل الشيطان على الشباب ، نظراً لما لنعصر الفتيان والفتيات من أثر كبير في بناء المجتمعات من جهة ، ومراعاة لدقة مداخل الشيطان عليهم من جهة أخرى ، حيث يستغل أيام نشأتهم ، وصفاء فطرتهم ، فيرى فيهم شريحة غرة يسهل الدخول عليها ، ومكسباً عظيما ً يأمل الحصول عليه ، وصفحة بيضاء نقية يحرص على تسويدها والنقش فيها ..!
والأمة التي تدع أبناءها وبناتها عرضة للشيطان ، أو تتعين الشيطان عليهم ، بما تذلله له من أساليب ووسائل يصل بها إليهم ، لهي أمة حكمت على نفسها بالهلاك ، فلا تقوم لها قائمة ، ولا يرجى لها عيش كريم !! فتنبهوا أيها الأبناء إلى مداخل الشيطان عليكم ، واعملوا على سدها في وجه عدوكم ا لتنجوا من كيده ، ويرجع بإذن الله مذموماً مدحوراً ..
وأنتم أيها الآباء والأمهات : كونوا عوناً لأبنائكم وبناتكم في معركتهم مع عدوهم وعدوكم ، ولا تمكنوا له منهم بغفلتكم عنهم ، أو بتقصير كم في مسؤوليتكم تجاههم ، تربية وتكويناً ، وتوجيهاً ونصحاً ، وقدوة عملية صالحة يرونها فيكم .. فالمعركة ضارية ، والعواقب خطيرة والمسؤولية عظيمة ..
ولعل من أبرز مداخل الشيطان على الشباب :
1. أن يصور للفتيان والفتيات أنهم لا يزالون صغاراً مراهقين ، ولم يدخلوا بعد مرحلة الفتوة والمسؤولية ، فيمد لهم في فترة طفولتهم ، ويصرفهم بذلك عن الاهتمام بمعالي الأمور ، ليعيشوا أطول مدة ممكنة أطفالاً في تفكيرهم وسلوكهم ، وصغاراً في تطلعاتهم وأمانيهم .. فيضيع عليهم فترة ثمينة من فترات حياتهم ، وجزءاً غالياً من عمرهم !! ولا يخفى على أحد الفرق الكبير بين متطلبات الشباب والفتوة ، وبين متطلبات الصغر والطفولة .
2. أن يزين لهم مخالفة الآداب الإسلامية الرفيعة ، والخروج على الأعراف والتقاليد الاجتماعية الصالحة ، فيوقعهم في بعض المعاصي والآثام ، فيعقوا آباءهم وأمهاتهم ، ويسيئوا التعامل مع إخوتهم وأخواتهم وأقاربهم ، فلا يرقون كبيراً ، ولا يرحمون صغيراً .. ويجعل منهم عنصر قلق وإزعاج لمن حولهم ، ويترك على شخصياتهم بصمات نقص قد يصعب عليهم التخلص منها مستقبلاً !!
3. أن يملأ وقتهم بسفاسف الأمور ، وسيئات الأعمال ، ويصرفهم عن العلم النافع ، والدراسة الضرورية ، ويشكل في شخصياتهم فراغاً يصعب ملؤه ، وتدارك أثاره على البر ..!! وما أكثر الكبار من حولنا الذين يعانون من مثل هذا الفراغ ، ويشعرون بذلك النقص !!
4. أن يزين لهم سبل الشهوات ، ويحيطهم بإسار من المغريات ، فينشؤون وقد عشقوا الغناء والطرب وأصبحوا من هواة اللهو واللعب ، يجعلون كثيراً من رموز الفسق والضلال قدوة لهم ، يحاكمونهم في سلوكهم و تصرفاتهم ! حتى يوقع بهم في شباك الفاسدين والمفسدين !!
5. أن يقرب إليهم قرناء السوء ، ويبعد عنهم الصحبة الصالحة ، فيجرهم من حيث لا يشعرون إلى مواطن الزلل والفساد !! وقد جاء في الحديث الشريف : ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالط ) رواه أحمد .
وقديما قال الشاعر :
عن المرء لا تسأل ، وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
6. أن يزين للأغنياء منهم حياة الترف والنعيم ، فيتسابقون في ميدان اقتناص الشهوات واللذات ، حتى يصبح هم أحدهم في هذه الحياة : لقمة لذيذة يأكلها ، أو سيارة فخمة يركبها ، أو ثوباً جديداً يلبسه ، أو حذاءً جديداً يحصل عليه ، أو موضةً حديثة يتبعها ويسبق غيره إليها !!
7. أن يوقع الفقراء منهم في البغض والحسد لزملائهم وأترابهم الأغنياء ، ويجرهم من وراء ذلك إلى الكذب والسرقة ، ويوقعهم في الجريمة ، ويملأ صدورهم حقداً وكراهية فتتباعد القلوب ، وتفسد العلاقات !!
8. أن يحبب إليهم الأفلام الهابطة ، فيدلهم عليها والمسلسلات العنيفة ، فيرشدهم إليها ، فتراهم عاكفين على مشاهدتها ، ومتابعين لحلقاتها .. غافلين عن آثارها السيئة في بناء شخصياتهم ، و إفساد كيانهم !!
9. أن ينفرهم من مجالس العلم والذكر ، ويصرفهم عن بيوت الله والصلاة ، فلا تكاد تطرق آذانهم موعظة ، أو تؤثر فيهم نصيحة ! فينشئون على غير طاعة الله ، غافلين عن أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : شاب نشأ في عبادة الله فقد جاء في الحديث الشريف المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، إمام عدلٌ ، وشابٌ نشأ في عبادة الله ، ورجل قلبه معلق بالمساجد ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه تفرقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال : إني أخاف الله ، ورجلٌ تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ).
10. أن يزين لهم مطالعة القصص الضارة ، ومتابعة المجلات الخليعة ، ويجعلهم يعزفون من أخبار الفاسدات والفاسدين أكثر مما يعرفونه من سيرة الصالحات والصالحين ، فيقطعهم بذلك عن تاريخهم المجيد ، ويبعدهم عن تراثهم المفيد ، ويدعهم غرباء في مجتمعاتهم ، ويجعل منهم عبئاً على عاتق أمتهم !!
إلى ذلك من مداخل ومنافذ ينفذ فيها الشيطان على الشباب ، موظفاً طبائعهم وخصائصهم ، ومستغلاً غفلة أبائهم وأمهاتهم ، مستعيناً في ذلك بأعوانه من شياطين الإنس والجن ..
ونسأل الله عز جل أن يعيذ شبابنا من شر الشياطين ، وان يقيهم من مكرهم وكيدهم ، وأن يجعلهم من عباد الرحمن الذين قال الله في وصفهم : {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا* وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما *وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا* وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا* وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا*وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا* وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} (74-63) سورة الفرقان .
والحمد لله رب العالمين..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
التاريخ : 1/ 6/ 1419 هـ
الموافق: 22 / 9 / 1998 م