أهمية رسائل الهدى

1997 | رسائل الهدى

من محمد أبو الفتح البيانوني إلى اخوانه المسلمين في كل مكان، داموا في حفظ الله ورعايته..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد
فأحمد إليكم الله- أيها الأخوة المسلمون- على عظيم نعمه، وجزيل إفضاله ، وأكتب إليكم بمناسبة دخول العام الهجري الجديد ( 1418 هـ) سائلاً الله عز وجل أن يبارك لنا ولكم في أعمارنا، وأن يجعل يومنا خيراً من أمسنا، وغدنا خيراً من يومنا، وأن يصلح أحوالنا، ويفرج كروبنا، وأن ينصر المسلمين في كل مكان.

أيها الأخوة الأحبة
أنتهر هذه الفرصة الكريمة، لأذكر نفسي وإخواني بضرورة الوقفة الصادقة السريعة مع النفس، ولا سيما في مطلع كل عام هجري، حيث تتوالى السنون والأيام، وتتابع الشهور والأسابيع، على اقتطاع قطعة من عمر المرء وهو غافل عنها، فيتناقص رأسماله يوماً بعد يوم، نقصاً لا يمكن تداركه ولا تعويضه إلا بالصحوة الحقة، والجهد المضاعف فيما يستقبل من أيامه وساعاته المتبقية .. وكثيراً ما تمتد أيام الغفلة في حياة الإنسان فيقع في الخسران، حيث تبطئ به راحلته، وتحيط به خطيئته ، ويندم حيث لا ينفع الندم..
من هنا كان الشيخ الوالد- رحمه الله تعالى – يؤكد على أهمية الجداول العملية للمحاسبة الشخصية، ويتفنن في تنويعها لتشمل المحاسبة على الوقوع في المحرمات، والتقصير في الواجبات، كما تشمل اقتراف المكروهات، والتقصير في الفضائل والمندوبات.. فإن المسلم يستطيع من خلال هذه الجداول التعرف على موقعه من إسلامه ودعوته، وعلى مدى تقدمه أو تراجعه – لا سمح الله-

وقد يعذر المرء عن عدم استخدام مثل هذه الجدوال في محاسبة النفس، إذا رأى من نفسه إقبالاً ظاهراً على الطاعات، وحرصاً بيناً على الخيرات وفعل المبرات.. رأى ذلك في نفسه وأهله وأولاده، فاكتفى ببشائر السلامة العامة والحمدلله. ولكن يعجب الإنسان كل العجب ممن يرى في نفسه وأهله تقهقراً إلى الوراء، وتقصيراً في الواجبات ووقوعاً في المحرمات، وغفلةً وإعراضاً عن كثير من الخيرات والمبرات.. ثم لا يقف من نفسه وقفة حسابٍ ومراجعة، ولا يخطر بباله عرضها على مثل هذه الجداول العملية المساعدة، وهو يعلم قول الله عز وجل   قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دسّاها
وقد يزداد العجب من مثل هذا، عندما تأخذه العزة بالإثم، إذا ما ذكره مذكر، أو راجعه أخٌ له في تصرفٍ وسلوك، أو نقلت إليه ملاحظةٌ شرعيةٌ على أهله وأولاده.. فتراه يلقي على نقائصه الستر، ويدافع عن نفسه وشيطانه بدون حق، ويظهر للناس وكأنه سليم معافى!!

فالعاقل من حاسب نفسه قبل أن يحاسب، وبادر قبل فوات الأوان، فاستدرك من أمره ما فات، وشكر وقدّر كل من أعانه على ذلك بنصيحة أو تذكير، فكان من المسارعين في الخيرات، والسابقين إلى المبرات، والأوابين التوابين المتعاونين على البر والتقوى.
أيها الأحباب لقد عقدّت العزم على أن أوجه إلى إخواني المسلمين عامةً في مطلع كل شهر هجري رسالة من رسائل  الهدى تصل إليكم متتابعة على شكل سلسلة من المطويات، تذكرهم فيها ببعض خصائصهم وتنبههم إلى بعض واجباتهم، وتسدي إليهم النصائح التي قد يحتاجون إليها في مسيرتهم، فتصلح من أحوالهم، وتكون شعار تواصل بينهم، وموضوع مدارسة مع أهليهم ومن يلوذ بهم ..  المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر  التوبة 71 ،  وذكّرفإن الذكرى تنفع المؤمنين الذاريات 55.
ولتكن رسالتي هذه أولى هذه الرسائل (رسائل الهدى)، سائلاً الله عز وجل أن يرزقنا الهدى والتقى، والعفاف والغنى، وأن يعيننا على أنفسنا، وأن يهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، وأن يجعلنا للمتقين إماماً.
وليكن شعارنا دائماً  والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا، وإن الله لمع المحسنين العنكبوت 69، وتقبلوا سلامي ودعواتي، ولا تنسوني من دعواتكم الصالحة في ظهر الغيب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخوكم في الله
محمد أبو الفتح البيانوني
11/1/418 هـ
8/5/1997 م