أجوبة على تساؤلات حول الحراك الشعبي 15

أجوبة على تساؤلات حول الحراك الشعبي, سلسلة مقالات فقه المحنة

كتب إلي عدد من اﻹخوة متسائلين: (كثيرا ما أنكرت في كتاباتك على المشاركين في القتال القائم في سورية، ووصفته بقتال فتنة وأنه ﻻيجوز. إﻻ أن كثيرا من العلماء اليوم يدعون إليه، ويشجعون عليه، ويستجيب لهم الشباب من كل حدب وصوب…فكيف تؤثمهم في قتالهم!!؟؟؟؟) وفي اﻹجابة عن هذا التساؤل المهم جدا أقول:
إن من القواعد المتفق عليها(ﻻطاعة لمخلوق في معصية الخالق) إﻻ أننا كثيرا مانغفل عن دﻻلتها ونخالفها!! فإن أمر القتال أمر خطير، وجهاد القتال نوع من أنواع الجهاد الذي عده الشارع ذروة سنام اﻹسﻻم..إﻻ أنه لخطره هذا أناط الشارع مشروعية القيام به باﻹمام المسلم، أو نائبه، وفي حال غيابهما بأهل الحل والعقد في اﻷمة، والمراد بهم: مجموعة علماء اﻷمة وعقﻻئها ووجهائها وخبرائها الذين يحلون ويعقدون عادة في أمورها الكبرى، ويكون الناس تبعا لهم فيها…فإذا اجتمعت كلمتهم على مشروعية قتال ما، عد جهادا، وإن اختلفت فيه كلمتهم ﻻيعد جهادا وﻻ قتاﻻ مشروعا..ويحرم اﻹقدام عليه..من هنا: ﻻيجوز لفرد مسلم أن يطيع شيخه أو قيادته التنظيمية في جماعته الخاصة-إن كان له جماعة -إذا أمرته بقتال، ﻷنها ﻻ تشكل مرجعية شرعية له، في مثل هذه اﻷمور الخطيرة، وإذا أطاعها في ذلك، وقع في معصية كبرى، خﻻفا لطاعته لهم فيما دون ذلك من أمورتدخل في اختصاصهم، وتجب طاعتهم فيها مادام ملتزما بها. ومثل ذلك مثل اﻷبناء البررة مع والدهم الذي تجب طاعته باتفاق، ويعد عصيانه عقوقا محرما، مادام يأمر بطاعة أو بمباح..فإذا أمر بغير ذلك ﻻتجب طاعته، بل تكون طاعته فيها معصية…فلو اجتهد والد مثﻻ، وأمر أوﻻده البررة بقتل ابن الجيران نظرا ﻹيذائه لهم..فإنه يأثم بأمره هذا،ويأثم أبناؤه إن أطاعوه في ذلك، وعليهم أن يصارحوه مبينين سبب عدم طاعتهم له، بأنه ﻻيملك الحق في هذا شرعا، وأنه ليس من اختصاصه،وﻻتجوز طاعته فيه، مهما كان صالحا أوعالما…وإنما عليه عند الحاجة أن يرفع اﻷمر إلى ولي اﻷمر ليحكم فيه…وكثيرا ما قررت هذا الحكم في هذا،وفصلته في دروسي الخاصة والعامة، وضمنته في بعض كتاباتي، وذلك بعد مرورنا بمحنة الثمانينات التي مرت في بلدنا سورية وفتنتها، وشارك الكثير من فيها -غفر الله لنا وﻹخواننا -وقد غفل كثير من الناس اليوم عن هذا الحكم، فأنزلوا شيوخهم وقياداتهم التنظيمية منزلة اﻹمام المسلم، وعدوها بمنزلة أهل الحل والعقد لﻷمة، وليس اﻷمر كذلك مطلقا،فخاضوا في مثل هذه الفتن المضلة في أكثر من بلد مسلم، وﻻيزالون!!!!! ثم يقعون في الندم حيث ﻻينفع الندم!!! اللهم بصرنا في أمر ديننا، وأعد لﻷمة عقلها ورشدها، وقنا من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن..إنك على ماتشاء قدير…وأشكر اﻹخوة الذين أثاروا هذا السؤال من جديد، ليسمع اﻹجابة عنها من لم يسمعها سابقا..اللهم هل بلغت، اللهم فاشهد..والحمد لله رب العالمين..