أجوبة على تساؤلات حول الحراك الشعبي 4
أيها الأحبة:
هناك سؤال يقول صاحبه: (أليس من الواجب على المسلمين الأخذ على يد الظالم، وقصْره على الحق قصْرا –كما جاء في الحديث الشريف- فإلى متى نرضى بالظلم ونسكت عليه..!!؟)
وفي الإجابة عن هذا أقول:
لا شك في وجوب الأخذ على يد الظالم ، والعمل على رفع الظلم عن الأمة، فقد توعد الله عز وجل المقصرين في أداء هذا الواجب الوعيد الشديد في الدنيا والآخرة –كما صرحت به بعض الأحاديث الشريفة-
إلا أن أي واجب من الواجبات الإسلامية والأحكام الشرعية أناطه الشارع برحمته وحكمته بشرطين اثنين، هما: ( العلم بالحكم أولا، والقدرة على القيام به ثانيا) فإذا اختل في ذلك أحد الشرطين، برئت ذمة المكلف، ولم يعد يستحق العقاب عليه –كما أوضح ذلك العلماء المحققون-
ومن هنا: يُعذر كل من جهل وقوع الظلم أو المنكر-إذا كان ممن يُعذر مثله بالجهل- كما يُعذر كل من علم به، ولم يملك القدرة على رفعه أو إنكاره، فردا كان أو جماعة، كبيرا كان أوصغيرا، رجلا كان أو امرأة، عالما كان أو غير عالم…
كما أنه لا يراد بالقدرة هنا مجرد الاستطاعة الشخصية للمرء بالقيام بذلك، وإنما يراد بتحقق القدرة هنا: القدرة الشرعية التي تعني لزوم عدم ترتب مفسدة أعظم على القيام بهذا الواجب، من مفسدة المنكر المرادِ إنكاره، أو مفسدة الظلم القائم المرادُ رفعه…
وإلا كان من الحُمق: إزالة ظلم واستبداله بظلم أعظم، أو إنكار منكر بالوقوع في منكر أكبر منه وهكذا…
وإذا كان بإمكان كل مؤمن أن يعقد هذه الموازنة بين المفسدتين في منكر ما يريد إنكاره، فليس بإمكان كل فرد أن يعقد تلك الموازنة الواجبة بين المفاسد المترتبة على إنكار المفاسد العامة، أو المنكرات المدعومة بقوة السلطان، أو بالعادات المستحكمة في حياة الناس…
وإنما يجب الرجوع في هذه الموازنات لعقلاء الأمة وعلمائها الذين لا يخافون في الله لومة لائم، فهم وحدهم الذين يُحسنون عقد هذه الموازنات، ويقررون الأسلوب الحكيم الأمثل في إنكار هذه المنكرات ومعالجتها، مستنيرين بالمنهج القرآني والنبوي، ورَحم الله عبدا عرف حده فوقف عنده، وإلا صارت الأمور فوضى، والعواقب وخيمة، وصار الجميع إلى الحسرة والندم -كما هو مشاهد في كثير من البلدان الإسلامية اليوم.