أجوبة على تساؤلات حول الحراك الشعبي 6

2013 | أجوبة على تساؤلات حول الحراك الشعبي, سلسلة مقالات فقه المحنة

أيها الأحبة:

وكتب إلي آخر منتقدا: ( لقد تحدثت كثيرا عن خطأ حراك الشباب، ونقدت الحراكات الشعبية القائمة، ولم نقرأ لك شيئا عن ظلم الحكام وفسق الأنظمة القائمة، وكفر بعضها.!! أليس الحديث عن هذا من واجب العلماء أيضا..؟!! )
وفي الإجابة عن هذا أقول:

إن الإجابة عن هذا التساؤل تشبه إلى حد كبير الإجابة عن التساؤل السابق حول الحديث عن تقصير العلماء وإساءاتهم… ومع هذا أؤكد وأقول:

إن أسلوب نصح العلماء والأمراء والسلاطين، يختلف عن أسلوب نصح الآخرين، وليس من الحكمة أبدا التسوية بين الأسلوبين في النصح، فلكل مقام مقال، ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا.
والعلماء دعاة، وليسوا قضاة، فليس لهم الحق في الحكم على الناس بالكفر أو الفسق، وإنما يحكمون -إذا حكموا- على الأفعال والأقوال، وليس على الأشخاص، أما الحكم على الأشخاص فيكون للقضاة الشرعيين فقط، نظرا لدقة وخطر الحكم بالكفر أو الفسق على شخص معين.

والحديث عن ظلم الحكام وفساد النظم، قد يكون مطلوبا في بعض الأحوال، حيث يختلف الناس في الحكم عليهم، أما إذا كان الظلم والفساد معترفا به من الجميع حكاما ومحكومين، وظاهرا للعيان، فلا مصلحة في الحديث عنه، والانشغال ببيانه، وإنما المصلحة في الحديث عن أسلوب معالجته وإصلاحه… ولا سيما عندما يعترف به الحاكم، ويدعو الناس إلى مشاركته في قضية الإصلاح، كلا من خلال موقعه.

نعم، إن الحديث عن ظلم الأنظمة أو فسادها، وتكرار ذلك قد يدخل السرور والبهجة في نفوس المظلومين أو المعارضين، لكنه لا ينسجم مع مقاصد المصلحين، وقد يزيد الظلم ظلما والفساد فسادا، لا سيما إذا كان هناك من هو حريص على ذلك الظلم، وذلك الفساد، أو كان هناك من هو عاجز عن القيام بذلك الإصلاح وحده، مع اعترافه به، ومن الحماقة، أن يعمل الداعية المصلح على زيادة الظلم والفساد في سبيل إرضاء نفوس المظلومين، وتطييب خاطر المعارضين…

وفي الختام أقول: لقد تحدث علماؤنا عن ظلم الظالمين، وفساد الفاسدين، مع مختلف الجهات المعنية بذلك، وطالبوا بمعالجة ذلك، بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن… ووعدوا بالتعاون في سبيل الإصلاح مع كل من يريد الإصلاح، وبمتابعتهم هذه الخطوات، وطالبوا الجميع بأن تؤتى البيوت من أبوابها، ولكن لم يُستجب لندائهم ونصْحِهم، ولا حول ولا قوة إلى بالله العلي العظيم…

اللهم بصرنا في دعوتنا، وارزقنا الحكمة في أقوالنا وأفعالنا، ولا تجعلنا من الذين يَستخفنهم الشيطان من حيث لا يشعرون.