أجوبة على تساؤلات حول الحراك الشعبي 7
أيها الأحبة:
كتب إلي أحد الإخوة معاتبا: (لَم نقرأ لك مقالة حول الكارثة التي حَلت بأهلنا السوريين هذه الأيام، الذين شردهم الظلم والطغيان، في الوقت الذي تحدث فيه غيرك من العلماء والدعاة، فصدرت فيه الاستغاثات لإنقاذهم ومساعدتهم..!!).
وفي الإجابة عن هذا التساؤل أقول:
ما من عاقل إلا ويُدمى قلبه الحال التي وصل إليها كثير من إخواننا السوريين في الداخل والخارج من جراء هذه الفتنة القائمة، وإني كلما سمعت خبرا عنهم، أو رأيت مشهدا من مشاهد معاناتهم–أعانهم الله ولطف بهم- يحضرني شعوران:
– الأول: شعور الأسى والحزن لهذا الواقع المرير من جهة، ولضعف إمكاناتنا في التخفيف عنهم والعمل على إغاثتهم…
– والثاني: شعور الألم والغضب على من كان سببا في تهجيرهم وإيصالهم إلى هذه الحال…وكثيرا ما يغلب علي الشعور الثاني على الأول، ولا سيما عندما أسمع من جُل إخواننا ومشايخنا الحديث على هذه الحال، دون إشارة واهتمام بأسبابها الحقيقية والمؤدية إليها، بل أسمع أحيانا تبرير تلك الأسباب بما لا يقبله شرع ولا عقل..!!
وهنا أتساءل: هل تم مثل هذا التشريد والتدمير والقتل، أو قريبٌ منه قبل ثلاث سنوات في ظل النظام القائم !؟وهل وصل الحال بنا إلى هذه الحال قبل هذه الحراكات المفتونة التي قام بها العامة، وشجع عليها بعض الخاصة!؟
وذا سَلّمنا جدلا بسلامة هدف إسقاط النظام الذي رُفعَ، فهل من الوسائل المشروعة لتحقيق هذا الهدف، الاحتماء ببيوت الناس وأحيائهم وأريافهم، وهل هذه العمارات والأحياء والأرياف التي هدمت معاقل للنظام يسقطُ من خلالها!؟
وهل توقع عقلاء هذه الحراكات والداعمين لها، استسلام الأنظمة القائمة كلها لمعارضيها والساعين لإسقاطها، إذا ما تحصنوا في هذه البيوت والأحياء..!!؟
إن لكل هدف مشروع وسائله المشروعة، والغاية في الإسلام لا تبرر الوسيلة، ولكل صراع ميدانه وأبوابه المؤدية إليه، والعاقل هو الذي يأتي البيوت من أبوابها…
ومع هذا: فإذا كنا نتفق على أنه من الظلم والبغي معاقبة الخارجين على النظام، بمعاقبة الناس أجمعين، فإنه لا يجوز لنا أن نسكت عن ظلم المتسببين في هذا الدمار والقتل، والمستمرين فيه… لأن المتسبب شريك المباشر في الإثم في حكم الشرع.
ومن هنا: أجد نفسي مضطراً لأن أدعو دائما للمستضعفين المظلومين المشردين، في الوقت الذي أدعو فيه على الظالمين، وعلى أولئك المتسببين في ذلك القتل والتشريد والتدمير…انطلاقا من الوسطية والاعتدال الذي أمرنا به الإسلام، فقال سبحانه: ( وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى، واتقوا الله، إن الله خبير بما تعملون).
اللهم ردنا إلى دينك ردا جميلا، وأعد للناس عقولهم التي نزعتها منهم، وألهمهم رشدهم، والطف بعبادك الضعفاء، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء، إنك بنا رؤوف رحيم، والحمد لله رب العلمين.