القاعدة والفائدة الدعوية الثانية والعشرون في جانب التعليم

مقالات القواعد والفوائد الدعوية في جانب التعليم

أيها الأحبة:

ومن أساليبه صلى الله عليه وسلم التعليمية: سؤاله أصحابه ليكشف ذكائهم ومعرفتهم:

فقد روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – قال:

( بيْنَا نَحْنُ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جُلُوسٌ، إذَا أُتِيَ بجُمَّارِ نَخْلَةٍ – أي: قَلْبُ النخلة وشَحْمها -، فَقالَ وهو يأكله: إنَّ مِنَ الشَّجَرِ شجرةٌ خضراءُ، لَما بَرَكَتُهُا كَبَرَكَةِ المُسْلِمِ، لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا، ولا يَتَحاتُّ – أي: لا يتناثر -، وتُؤتي أُكُلَها كلَّ حينٍ بإذْنِ رَبِّها، وإنها مِثْلُ المُسْلِم، فَحدِّثُوني ما هي؟
قال عبد الله: فَوَقَعَ النَّاسُ في شَجَرِ البَوادِي، فقال القوم: هي شَجَرَةُ كَذا، هي شَجَرَةُ كَذا، ووَقَعَ في نَفْسِي أنَّها النَّخْلَةُ، فَجَعَلْتُ أُرِيدُ أَنْ أَقُولَهَا، فَإِذَا أَسْنَانُ القَوْمِ، فأهَابُ أَنْ أَتَكَلَّمَ وأنا غلامٌ شابٌ، ثُمَّ الْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا عَاشِرُ عَشَرٍ أَنَا أَحْدَثُهُمْ أصغَرُ القوم، ورأيتُ أبا بكر وعُمَر لا يتكلَّمان فَسَكَتُّ.
فلما لم يتكلما، قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي الَّنخْلَة.
فَلَمَّا قُمْنَا قُلتُ لِعُمَرَ أبي: والله يا أبَتَاهُ، لقَدْ كانَ وقَعَ في نَفْسِي أنَّهَا النَّخْلَةُ، فَقالَ: ما مَنَعَكَ أنْ تقولها؟ قلتُ: لَمْ أرَكُمْ تَتكَلَّمُونَ، لم أرَكَ ولا أبا بكر تكلَّمتُما، وأنا غلامٌ شابٌ، فاستَحْيَيْتُ، فَكَرِهْتُ أنْ أتَكَلَّمَ أوْ أقُولَ شيئًا، فسكتُّ. قالَ عُمَرُ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا، أحَبُّ إلَيَّ مِن أن يكونَ كَذَا وكَذَا ). أ.هـ.

وقد أفاض شيخنا في الحاشية في ذكر ما يستفاد من هذا الحديث من آداب، تنظر في صـ 108.