القاعدة والفائدة الدعوية الثالثة والعشرون في جانب التعليم
أيها الأحبة:
ومن أساليبه صلى الله عليه وسلم التعليمية: تعليمه بالمقايسة والتمثيل:
ولا سيما إذا اشتبهت على السامعين المسألة، وغَمُضَ عليهم حُكمها، فيكون لهم من تلك المقايسَةِ مَعْرفةٌ بمسالك الشريعة ومقاصدها، وفِقْهٌ براميهما البعيدة.
فقد روى البخاري عن ابن عباس – رضي الله عنهما -:
( أنَّ امْرَأَةً مِن جُهَيْنَةَ، جاءَتْ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَتْ: إنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أنْ تَحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ حتَّى ماتَتْ، أفَأَحُجُّ عَنْها؟ قالَ: نَعَمْ حُجِّي عَنْها، أرَأَيْتِ لو كانَ علَى أُمِّكِ دَيْنٌ أكُنْتِ قاضِيَةً؟ اقْضُوا اللَّهَ فاللَّهُ أحَقُّ بالوَفاءِ ).
وروى أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه – قال:
( سمعتُ رسولَ اللَّهِ – صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ – يسألُ عن شراءِ التَّمرِ بالرُّطبِ، فقالَ لمن حوله: ” أينقصُ الرُّطبُ إذا يبِسَ؟ قالوا نعَم، فَنَهى عن ذلِكَ “).
يقول شيخنا – رحمه الله تعالى -:
( وبَدَهيٌ كل البَداهة أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان عالماً أن الرطب يَنْقصُ إذا يَبِسَ… ثم بَيَّن أنْه سألهم ليُنبِّه أصحابه وسامعيه وتابعيه، إلى أن علة النهي عن بيع الرطب بالتمر، هي: نَقْصُه عند يُبْسِه، فلا يجوزُ أن يبيع هذا بهذا على سبيل التساوي بالكيلِ، فأشعرهم بعلة الحكم إذ كان خَفِيّاً عليهم، فكان ذلك قاعدة في البيوع إلى آخر الزمن ). صـ 112.