القاعدة والفائدة الدعوية الثامنة في جانب التعليم
أيها الأحبة:
وكان صلى الله عليه وسلم يحض على التعليم ونشر العلم، ويحذر من الفتور في التعليم والتعلم، فقد جاء في الحديث الشريف الذي أورده الحافظ المنذري في ” الترغيب والترهيب “، والحافظ الهيثمي في ” مجمع الزوائد ” عن علقمة بن سعد بن عبد الرحمن بن أَبْزَى – رضي الله عنه – قال:
( خطب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ذات يوم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر طوائف من المسلمين فأثنى عليهم خيرا، ثم قال:
” ما بال أقوام لا يُفَقِّهون جيرانهم!؟ ولا يُعلِّمُونهم؟! ولا يُفَطِّنونهم؟! ولا يأمرونهم؟! ولا ينهونهم؟! وما بالُ أقوامٍ لا يتعلَّمون من جيرانِهم، ولا يتفقَّهون! ولا يتَّعِظون؟! واللهِ لَيُعلِّمَنَّ قومٌ جيرانَهم، ويُفقِّهونهم، ويعِظونهم، ويأمرونهم، وينهونهم، ولَيَتَعَلَّمنَّ قومٌ من جيرانهم، ويتفقَّهون، ويتَّعِظون، أو لأُعاجِلنَّهم العقوبةَ “.
ثم نزل، فقال قومٌ: مَن ترونَه عَنِيَ بهؤلاءِ؟ قال: الأشعريِّينَ، هم قومٌ فقهاءُ، ولهم جيرانٌ جفاةٌ من أهلِ المياهِ والأعرابِ فبلغ ذلك الأشعريِّينَ، فأتوا رسولَ اللهِ فقالوا: يا رسولَ اللهِ! ذكرتَ قومًا بخيرٍ، وذكرتَنا بشرٍّ، فما بالُنا؟ فقال:
” لَيُعلِّمَنَّ قومٌ جيرانَهم وليَعِظُنَّهم، وليأمرُنَّهم، ولينهونَّهم، وليتعلمَنَّ قومٌ من جيرانِهم ويتَّعظون ويتفقّهون، أو لأعاجلنَّهم العقوبةَ في الدنيا “. فقالوا: يا رسولَ اللهِ! أَنُفَطِّنُ غيرَنا؟ فأعاد قولَه عليهم، فأعادوا قولَهم: أَنُفطِّنُ غيرَنا؟ فقال ذلك أيضًا.
فقالوا: أَمهِلْنا سنةً، فأمهلَهم سنةً، ليُفقِّهونهم، ويُعلِّمونهم، ويعِظونهم. ثم قرأ رسولُ اللهِ هذه الآيةَ ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى بْنِ مَرْيَمَ )).
وذكر شيخنا عن شيخه وشيخنا الشيخ: مصطفى الزرقا – رحمهما الله – أنه علق على هذا الحديث في كتابه ” المدخل الفقهي العام ” بقوله:
( إن هذا الموقف العظيم في اعتبار التقصير في التعليم والتعلم جريمة اجتماعية، يستحق مرتكبها العقوبة الدنيوية: موقف لم يَرْوِ التاريخ له مثيلا في تقديس العلم، قبل النبي – صلى الله عليه وسلم – ولا بعده ).