القاعدة والفائدة الدعوية الحادية والثلاثون في جانب تزكية النفس البشرية وتربيتها
ومن مظاهر الغلو في التزكية: (الغلو في مفهوم الزهد):
فقد غلا بعض المتصوفة في مفهوم الزهد، واعتدوا فيه على حق النفس الذي أمر المسلم بإعطائها حقها كغيره من الحقوق!!
فدعوا إلى التحلي بالفقر باسم الزهد، وتحمس بعضهم إلى تفضيل الفقير على الغني بوجه عام، مع أن الفقر والغنى أمران غير مكتسبين لا يحسن عقد التفاضل بينهما، مع أن الحقيقة تفيد: أن أفضلهما أتقاهما -كما قال الإمام ابن تيمية رحمه الله-
مع أن الزهد في حقيقته أمر قلبي، فقد عرفه الجنيد -رحمه الله- بأنه: (خلو القلب عما خلت منه اليدين)، وعرفه بعضهم: (بفراغ القلب من الدنيا، لا فراغ اليدين منها).
واستدل بعضهم خطأً على مفهومه للزهد بالحديث الذي رواه مسلم: (إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِى إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِى النِّسَاءِ)!!
يقول الإمام الحسن البصري -رحمه الله-: (ليس الزّهد في الدّنيا بتحريم الحلال وإضاعة المال، ولكن أن تكون بما في يد اللّه أوثق منك بما في يدك، وأن تكون في ثواب المصيبة إذا أصبت بها، أرغب منك فيها لو لم تصبك).